عدت من مصر بعد أسبوعين قضيتهما في هذا البلد الحبيب إلى قلبي وقلب جميع العرب ..وشاهدت تطوراً كبيرا في المناطق التي كانت من قبل صحراوية خارج مدينة السادس من أكتوبر بينها وبين مدينة زايد .
وأجمل ما كان موجودا تلك المجمعات الراقية التي تمتلىء بالمقاهي ومحلات للتسوق ..منها مجمع يدعى" أركان" وآخر يدعى "أمريكانا بلازا" إلى جانب مجمعات أخري مثل "تفولي توم" و"جالاريا" ،"وكبتل "وغيرهم من المطاعم التي أنشأت حديثاً لتصبح هذه المنطقة بالغة الحيوية ومزدحمة بالرواد بعضهم من سكان المنطقة وبعضهم من القاهرة لجمال مطاعمها ورقيها ..و الناس رائقة المزاج تتمتع بالهواء الطلق .
لقد امتلت مدينة سته أكتوبر و منطقة زايد بالمئات من الفلل والشقق الجديدة وأصبحت مدينة كاملة بكل مرافقها المتنوعة
قضيت اسبوعين لم أنزل فيها إلى القاهرة لإن معظم المطاعم المتواجدة أو معظمها بجانب مكان إقامتي ..إلا لارتياد مطعم سكويا المطل على النيل بمناظره الخلابة أو لزيارة دار الأوبرا .
دخلت دار الأوبرا لإول مرة ..مكان فخم إلى حد ما ..لا يصل إلى مستوى دار الأوبرا القديمة التي طالها حريق القاهرة ..لكنني أعجبت بالأوبرا الإسبانية التي كانت مكتوبة باللغة العربية مما جعلنا أنا وزميلتي المصرية نتمتع بمتابعة العرض. .لكنني لم أعجب بالتأخير في إقفال الباب عند الساعة الثامنة فلا يبدأ العرض إلا بعد ربع ساعة من الوقت المحدد ..
وسعدت بعد ليلتين بمتابعة فرقة القاهرة السيمفونية وهي تعزف أرقى الألحان بقيادة المايسترو العظيم أحمد الصعيدي الذي لمست مشاعري تجاوباً مع بعض الألحان التي قادها ببراعة منقطعة النظير .
إلا أنني تألمت للإهمال الذي طال مرافق الدار مما جعلني أتساءل أين العراقة المصرية القديمة في تقاليد الأوبرا ..وأتمنى أن تعود مرة أخرى .
إنني أعلم ما يحيط بهذه الدولة العربية من مكائد غربية وأمريكية وإسرائيلية وضربا ت الأ خوان الإرهابية ورغم التركة الثقيلة التي يحملها الرئيس عبد الفتاح السيسي من سنوات حكم مبارك بما صاحبها من رشوة وفساد وإهمال لمرافق الدولة وأجهزة التعليم ..لكن مصر تتقدم ببطء ومشاريع البنية التحتية يتم العمل بها بنشاط لتكتمل في الوقت الذي حدده الرئيس السيسي ..كما إني وجدت القاهرة أقل ازدحاما وأكثر نظافة من قبل .
إلا أن الناس وخصوصاً الطبقة المحدودة والفقيرة تشكو كثيراً من ارتفاع أسعار السلع الرئيسية لإن الدولة رفعت الدعم عن البترول والغاز وكل المواد الغذائية التي كانت تدعمها من قبل ..فأصبحوا حائرين كيف يعيشون وسط هذا الغلاء برواتبهم الضئيلة ..التي لم تزداد إلا قليلاً ..وما ذا تفعل أسرة من عدة أشخاص بالمساعدة التي وضعتها الحكومة وهي ١٥ جنيه لكل فرد؟. .ماذا يمكن أن تشتري العائلة بهذا المبلغ الضئيل وسط غلاء السلع في السوق بعد رفع الدعم عنها .
إن الرئيس عبدالفتاح السيسي تحدث من قبل عن هذه الفترة الصعبة لتجاوز انهيار مصر الإقتصادي ..ووعدهم بسنوات قادمة سترتفع فيها الرواتب وستصبح مصر بمصانعها وإنتاج مزارعها وبحوثها وأجهزتها التعليمية من الدول المتقدمة .
إن الشعب المصري تعب من الصبر الذي طال ولا أدري هل يمكنه تجاوز هذه المحنة الصعبة ..؟
إن من المطلوب في اعتقادي أن تقوم الحكومة برفع الدعم عن رجال الأعمال وأصحاب الرواتب العالية وإعطاء الطبقة المحدودة والمتوسطة بطاقات خاصة للحصول على الدعم السابق ..لكي تتمكن هاتين الطبقتين من العيش بكرامة إلى أن يتحقق تقدم مصرا الإقتصادي بإذن الله .